مقال: كي لا ننسى : المجازر الصهيونية خلال تشرين الاول على مدى العقود الماضية … نواف الزرو

اقترفت التنظيمات والقوات الصهيونية قبيل وفي أعقاب قيام”دولة إسرائيل” على مدى سنوات الخمسينات والستينات وخلال سنوات انتفاضتي ـ 87 و ـ 2000 بشكل خاص سلسلة من المجازر الدموية الجماعية وجرائم الحرب المختلفة ضد الفلسطينيين ، وفي تغطيتنا لسلسلة المجازر الدموية الصهيونية التي نفذت ، فإن ذلك لا يعني أن جرائم الاحتلال توقفت عند هذه المجازر الدموية ، فجرائم الحرب الصهيونية المقترفة ضد الفلسطينيين واسعة شاملة لم تترك مجالاً من مجالات الحياة الفلسطينية إلا وطالته ، ولم تترك بيتاً فلسطينياً إلا وألحقت به الأذى ، ولم تترك أسرة فلسطينية إلا وأوقعت بين أبنائها الشهداء أو الجرحى أو المعاقين أو الأسرى ، فقد شملت جرائم الحرب الصهيونية ليس فقط الإنسان الفلسطيني ، وإنما كذلك الأرض والبيئة والماء والهواء والمقدسات ، ولم تعتق لا الشيخ ولا الطفل ولا المرأة ولا الشجر ولا الحجر ، فضلاً عن أنها ألحقت دماراً هائلاً متراكماً بكافة مؤسسات المجتمع المدني الفلسطيني الصحية والتعليمية والثقافية والاقتصادية والرياضية والإدارية وغيرها .

ولذلك – وإن كنا هنا نعرض فقط لأبرز المجازر الدموية الصهيونية ضد الفلسطينيين التي نفذتها تنظيمات ودولة الاحتلال ، فإن ذلك لا يعفينا من الإشارة التوكيدية على كمْ كبيرْ من المجازر الكبيرة و الصغيرة التي لم تتوقف قوات الاحتلال عن اقترافها ضد الفلسطينيين على مدار الزمن المشار إليه ، تلك المجازر التي تشكل كل منها بدورها مجزرة كبيرة مروعة ، وجريمة حرب بشعة تشكل وثيقة إدانة وتجريم لقادة الدولة العبرية سياسيين وعسكريين ومستعمرين مستوطنين في الضفة والقطاع .

نوثق فيما يلي أكبر وأبشع وأخطر المجازر الدموية الصهيونية ضد الفلسطينيين خلال شهر تشرين الأول فقط على مدى عمر تلك الدولة .

مجزرة الدوايمة – تحطيم جماجم الأطفال

من القرى الفلسطينية التي ارتكبت فيها المجازر قرية الدوايمة قضاء الخليل التي هاجمتها ( كتيبة الكوماندوس 89 ) التابعة للواء الثامن الصهيوني بقيادة ، موشية ديان والتي تألفت من جنود خدموا في عصابتي ( شتيرن ، والارغون ) التي حاولت دولة الاحتلال جادة طمس معالمها وتفاصيلها حيث صدرت الأوامر بدفن القتلى في قبور جماعية والتعتيم الإعلامي ، ومنع التحقيق في المجزرة .

الموقع

فكما هي العادة صلى أهل القرية الجمعة في 29 ـ 10 ـ 1948 ، في مسجد القرية وما أن قاربت الصلاة على الانتهاء حتى سمع السكان أصوات الرصاص تنطلق من ثلاث جهات الشمال والجنوب والغرب وتركت الجهة الشرقية على ما يبدو لهروب أهل القرية .

وصف أحد أبناء القرية الهجوم فقال”أنه شاهد الدبابات الإسرائيلية قادمة من الجهة الغربية تتجه شمالا وشرقا إلى قرية القبيبة ومن جهة قرية بيت جبرين وتجمعت هذه المركبات في قرية القبيبة ، وقبل الظهر أخذت هذه المركبات تنحدر شرقا باتجاه قرية الدوايمة ، غير آبهة بالمقاومة الضعيفة من أبناء القرية .”

ولم تكن مذبحة الدوايمة منعزلة عن مخطط القتل والترحيل الذي نفذ ضد أبناء الشعب الفلسطيني ، كان الهدف من المذبحة قتل من يمكن قتله وتخويف من نجا ليهرب حتى تخلو القرية من أهلها .

ثلاث مراحل

وقد نشرت صحيفة حدشوت العبرية تقريراً موسعاً حول المجزرة أشارت فيه إلى مراحل للمجزرة كما يلي :

المرحلة الأولى : قتل ما بين 80 – 100 شخص بينهم النساء والأطفال في الهجوم الأول على القرية ، وقتل معظمهم في البيوت والشوارع .

المرحلة الثانية : ما حصل في الدوايمة كان من ابشع المجازر حيث قاموا باقتحام المسجد وتدنيسه بل وارتكبت فيه فظاعات ومذابح بحق من لاذ به طلبا للحماية والأمان ، قام المهاجمون بذبح الشيوخ الذين كانوا يقرأون القرآن الكريم .

يقول أبناء القرية عن مذبحة المسجد : في الساعة العاشرة والنصف تقريبا مرت مجنزرتان قرب مسجد الزاوية كان هناك ما بين 100 051- من الأهالي معظمهم من كبار السن ذهبوا مبكرا لأداء صلاة الجمعة ، وبينما هم يستعدون للصلاة ، سمعوا إطلاق نار ، وبدأ القسم المتبقي من المصلين بالخروج من المسجد بسرعة بينما لجأ إلية القسم المتبقي من المصلين على أساس أنه بيت الله ، ولكن الجنود دخلوا المسجد وقاموا بإطلاق النار على كل من كان فيه .”

وذكرت الصحفية يوئيلا هارشفي في صحيفة حدشوت :”أن عدد الضحايا بلغ 332 ، وأما المؤرخ بني موريس فقد ذكر أن ضحايا مذبحة الدوايمة عشرات أو ربما مئات من أبناء القرية ، وقال أن العدد تراوح وفقاً لجيش الدفاع الإسرائيلي وهيئة الأمم والعرب بين 70 – 100 قتيل”.

والمؤكد أن عدد الضحايا قد فاق عدد ضحايا أي مجزرة ارتكبها الإسرائيليون خلال حرب 1948 ولا نبالغ إذا قلنا أن مجزرة الدوايمة أشد هولاً من مذابح دير ياسين ، وأبو شوشة لا لعدد الضحايا فحسب بل لأنها نفذت بدم بارد .

مجزرة قبية

تقع قرية قبية على مسافة 22كم شمال شرق مدينة القدس ، و4 كم غربي رام الله ، وعلى بعد قرابة كيلو مترين من خط الهدنة ، وكان عدد سكانها آنذاك حوالي 2000 نسمة ، ومساحتها 16,504 دونمات لم يبق منها الآن سوى القليل ، وقد تعرضت القرية للعدوان الإسرائيلي الوحشي ليلة 14 – 15 ـ 10 ـ 1953 ، حيث نفذته وحدات نظامية من جيش الاحتلال وفق خطة كانت معدة مسبقاً ، واستخدمت فيه مختلف الأسلحة ، ففي الساعة السابعة والنصف من مساء يوم 14 تشرين الأول سنة 53 تحركت قوة عسكرية صهيونية تقدر بحوالي 600 جندي نحو القرية وطوقتها وعزلتها عن سائر القرى العربية.

وقد بدأت قوات الغزو هجومها بالقصف المدفعي التدميري بصورة مركزة وكثيفة على مساكن القرية دون تمييز ، في حين توجهت قوات أخرى إلى القرى العربية المجاورة مثل شقبا وبدرس ونعلين لمشاغلتها ومنع تحرك أي نجدة إليها ، كما زرعت الألغام على مختلف الطرق بحيث عزلت القرية تماماً ، ودخلتها قوات المشاة وهي تطلق النار ، فتصدى لها السكان العزل بكل ما وقعت عليه أيديهم إلى جانب الحرس الوطني بقيادة النقيب محمود عبد العزيز رغم قلة عددهم وأسلحتهم ، وواصلوا مقاومتهم حتى نفذت ذخائرهم واستشهد معظمهم ، وقامت قوات الغزو بمهاجمة السكان وقتلهم ، وأخذت تنسف المنازل ، واستمرت هذه الأعمال حتى الرابعة من صباح 15 ـ 10 ـ 1953 .

الخسائر

وقد أسفر ذلك العدوان الصهيوني عن تدمير 56 منزلاً عربياً ، ومسجد القرية ومدرستها وخزان المياه الذي يغذيها بالماء ، كما استشهد 67 مواطناً من سكانها رجالاً وأطفالاً ونساء وسقط عدد من الجرحى ، وكان أول الشهداء في القرية مصطفى محمد حسان ، كما أبيدت عائلات كاملة منها عائلة عبد المنعم قادوس البالغ عدد أفرادها 12 شخصاً ، واستشهد موسى أبو زيد وأربعة ، أفراد أسرته ، وزوجة محمود إبراهيم وأطفالها الثلاثة ، وأربعة من أطفال محمد المسلول وغيرهم .

وقد أكد التقرير الذي قدمه الجنرال فان بينيكه كبير المراقبين الدوليين إلى اجتماع مجلس الأمن يوم 27 ـ 10 ـ 1953 ، أن الهجوم الإسرائيلي كان نظامياً ومبيتاً ، وأن لا صحة للمزاعم الإسرائيلية القائلة أن سكان مستعمرة طيرة يهودا – وهي المستعمرة التي أقيمت على أنقاض قرية العباسية العربية – هم الذين قاموا بالهجوم انتقاماً لمقتل اثنين من سكان المستعمرة قبل ذلك بيومين أي في 11 ـ 10 ـ 1953 .

مجزرة قلقيلية

في الساعة التاسعة من مساء 10 ـ 10 ـ 1956 – تسللت إلى قرية قلقيلية مفرزة من الجيش الإسرائيلي تقدر بكتيبة مدرعات تساندهما كتيبتا مدفعية ميدان ونحو عشر طائرات مقاتلة فقطعت الأسلاك الهاتفية ولغمت بعض الطرق في الوقت الذي تحشدت فيه قوة كبيرة في المستعمرات القريبة .

تحركت في الساعة العاشرة من مساء اليوم نفسه وهاجمت القرية من ثلاثة اتجاهات مع تركيز الجهد الرئيس بقوة كتيبة المدرعات على مركز الشرطة فيها ، قاوم السكان وردوا الغزاة مرات عدة ، وعندما شعروا أن هدف العدوان هو مركز الشرطة زادوا قوتهم فيه وحشدوا عدداً كبيراً من المناضلين هناك ولكنهم تكبدوا خسائر كبيرة عندما عاودت المدفعية القصف واشتركت الطائرات في قصف القرية ومركز الشرطة بالقنابل .

احتل اليهود مركز الشرطة ثم تابعوا تقدمهم في شوارع القرية مطلقين النار على المنازل وعلى كل من يصادفهم ما أدى إلى استشهاد سبعين مناضلاً من سكان القرية والقرى المجاورة الذين ذهبوا لنجدتهم .

مجزرة كفر قاسم

في إطار استعداداتها للعدوان الثلاثي على مصر اتخذت سلطات الاحتلال الإسرائيلي إجراءات تشديد وقمع ومحاصرة شاملة للسكان العرب في المناطق المحتلة 1948 ، بحجة ضمان الأمن الداخلي خلال العدوان على مصر ، وفي ليلة 28 ـ 10 ـ 1956 تم ضم فرقة من حرس الحدود إلى فرقة من الجيش الإسرائيلي ، ووضعت القوة تحت إمرة المقدم يششكار شدمي ، وفي صبيحة 29 ـ 10 ـ 1956 أبلغ قائد المنطقة الوسطى في جيش الاحتلال العميد”تصفي تسور”كل الضباط العاملين تحت إمرته بالسياسة التي ستتبع ضد السكان العرب ، وشدد تسور على أن ضمان العمليات العسكرية التي ستنفذ في الجنوب ( الهجوم على قطاع غزة وسناء ) يتطلب المحافظة على الهدوء التام في المناطق العربية ، وطلب منه المقدم شدمي أن يلجأ إلى فرض حظر التجول في القرى العربية في المنطقة – أي قرى المثلث – وتم إعطاء هذا التصريح ، وفعلاً تم إعلان حظر التجول في كل القرى العربية : كفر قاسم ، كفر بره جلجولية ، الطيرة الطيبة قلنسوه ، بير السكة ، ابطن ، ، وصدر الأمر العسكري الذي تم إعلانه على السكان العرب وهذا نصه :”لن يسمح لأي من السكان بمغادرة بيته خلال ساعات منع التجول .. من يترك بيته نطلق عليه النار ، ولن يعتقل أحد”وأعلن المقدم شدمي :”أن حظر التجول سيكون حازماً ، وسيحافظ على تنفيذ هذه الأوامر بيد قوية ليس من خلال الاعتقالات ، وإنما بإطلاق النار” ، وعندما سأل الرائد إبراهام هيلنكي قائده شدمي عن مصير المواطن العائد من عمله خارج القرية دون علم هذه بفرض أمر منع التجول ، اجابه المقدم شدمي :”لا أريد عواطف .. الله يرحمه”.

وهكذا قام الرائد هيلنكي مزودا بالأوامر والتعليمات بعقد اجتماع في مقر قيادته حضره كل الضباط المنضوين تحت إمرته ، ونقل لهم هذه الأوامر ، وأجاب عن تساؤلاتهم بصراحة ومن ضمن ما قاله لهم :

“يجب قتل كل من يتواجد خارج البيت بإطلاق النار عليه ، ولن يكون هناك معتقلون ، وإذا حدث في الليل وسقط بعض القتلى فهذا سيخفف من أعباء فرض منع التجول في الليالي القادمة”.

وبعد ذلك جرى توزيع فرق من الجنود على قرى المثلث وتوجهت قوة بقيادة الملازم غبرائيل دهان إلى قرية كفر قاسم ، حيث قام بتوزيع جنوده إلى أربع مجموعات اتخذت مواقعها على مداخل القرية وفي داخلها ، وفي الساعة الرابعة من بعد ظهر يوم 29 ـ 10 ـ 1956 وقبل نصف ساعة من بدء فرض حظر التجول حسب ما أعلن ، استدعى رقيب من حرس الحدود مختار قرية كفر قاسم وديع أحمد صرصور وأبلغه بأمر منع التجول ، وعندما أخبره المختار أن هناك حوالي 400 مواطن من أهالي القرية لا زالوا في أماكن عملهم خارج القرية وفي أراضيهم ، وأنه لا يمكن تبليغهم بأمر منع التجول في فترة نصف ساعة ، وعده الرقيب بالسماح بمرور العمال العائدين إلى القرية وأن الأمر سيكون على مسؤوليته ومسؤولية الحكومة .

وفي الساعة الخامسة ، وهو موعد عودة العمال والمزارعين العرب إلى القرية بدأت المذبحة ، حيث كانوا يعودون أفراداً وجماعات على الدراجات أو عربات الخيول أو في السيارات ، وكان الجنود يستقبلونهم على مداخل القرية ، ثم يأمرونهم بالوقوف والترجل ، ثم يسألونهم :”من أية قرية أنتم ؟” وبعد الإجابة”من كفر قاسم” ، كان الضابط يأمرونهم بالوقوف صفاً واحداً ويصدر لجنوده أمراً بإطلاق النار عليهم بقوله :”احصدوهم”.

وكان الرائد دهان يشترك مع جنوده في إطلاق النار على العائدين إلى القرية ، وكان الجنود يعدها يكدسون الجثث ( وبعض الجرحى ) على قارعة الطريق ، وخلال ساعة واحدة قامت هذه الفرقة من حرس الحدود يقتل حوالي خمسين عربياً من أبناء القرية منهم : 31 من الشباب والرجال ، و9 نساء بين شابات ومسنات ، و7 أولاد وبنات .

مجزرة الاثنين الأسود في باحة الأقصى

أقدمت السلطات الإسرائيلية الرسمية ، بأذرعها المتعددة ، في يوم الاثنين الثامن من تشرين الأول ـ أكتوبر ـ 1990 ، على اقتراف تلك المجزرة ـ الجريمة البشعة ، ضد رجال ونساء وأطفال وشيوخ الفلسطينيين ، في باحة المسجد الأقصى المبارك ، حيث اقتحمت قوات الشرطة وحرس الحدود والمخابرات والمستوطنين اليهود إلى جانبهم ، صباح ذلك اليوم ، ساحات الحرم القدسي الشريف من أبوابه المختلفة ، وفاجأت حشود الفلسطينيين هناك ، الذين كانوا قد تجمعوا لأداء الصلاة أولاً ، وللتصدي لمحاولة عصابة”أمناء الهيكل”بزعامة”غرشون سلمون وضع حجر الأساس للهيكل الثالث المزعوم في ساحة الأقصى ثانياً .

لقد ثبت بالشواهد العملية ، والمعطيات الملموسة ، والشهادات الموثوقة ، أن تلك المذبحة كانت مدبرة ومخططة ومبيتة ، أعدت لتنفيذها السلطات الإسرائيلية ، كل العدة والاستعدادات اللازمة ، كما هي عادتها في سلسلة المذابح التي نفذتها ضد الفلسطينيين في مراحل زمنية مختلفة”.

ويمكن القول ان الطبيعة الإسرائيلية الإرهابية الدموية بلغت ذروة جديدة ، وتجلت من جديد في هذه المذبحة في قلب أقدس المقدسات الإسلامية ، كما تجلت قبل ذلك بأسبوعين فقط ، في تلك الحملة التنكيلية ـ التدميرية ـ الدموية الشاملة ، التي شنتها ضد مخيم البريج في قطاع غزة ، بحجة قتل جندي إسرائيلي احتياط ، كما تجلت في حملة المذابح الجماعية والحملات التنكيلية ـ التدميرية ـ الإرهابية الواسعة التي اقترفتها تلك السلطات وقواتها ضد أبناء الشعب العربي الفلسطيني ، سواء في مراحل الانتفاضة المختلفة ، أو في مراحل ما قبل اندلاع الانتفاضة .

لقد أقدمت قوات الاحتلال على تنفيذ المذبحة باستخدام كل الأسلحة المتوفرة بحوزتها من قنابل الغازات السامة ، وأسلحة أوتوماتيكية ، وطائرات عسكرية مروحية ، ولجأ الجنود ورجال المخابرات والمستوطنون إلى إطلاق الذخيرة الحية القاتلة على شكل صليات رشاشة متواصلة ، أطلقت من كافة الاتجاهات ، وبصورة منسقة مخططة جيداً ، ما أدى إلى حشر آلاف المصلين الفلسطينيين من مختلف الأجناس والأعمار في مصيدة موت وذبح جماعي كما حدث ، ما أسفر بالتالي عن سقوط 23 شهيداً فلسطينياً ، وإصابة 850 آخرين بجروح مختلفة.

مجزرة بيت ريما

وربما تكون المجزرة الدموية التي اقترفها قوات الاحتلال في بلدة بيت ريما ، من أبشع المجازر التي نفذت ضد الفلسطينيين خلال انتفاضة الأقصى ـ 2000 .

فقد قالت مصادر فلسطينية أن أكثر من عشرة فلسطينيين استشهدوا برصاص قوات الاحتلال في بلدة بيت ريما ووصفت المصادر الفلسطينية ما جرى في البلدة بأنه مذبحة ، وكانت القوات الإسرائيلية قد اقتحمت البلدة فجر 24 ـ 10 ـ 2001 ومنعت الدخول إليها أو الخروج منها .

كما وضعت المصادر الفلسطينية ما جرى بأنه مذبحة مماثلة لمذبحة دير ياسين التي ارتكبتها قوات الهاغاناه الصهيونية عام 1948 .

وحسب مصادر إسرائيلية فإن قوات الاحتلال اعتقلت نحو 12 فلسطينياً من أبناء البلدة يعتقد أنهم عناصر في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين .

وكان رئيس بلدية بيت ريما عبد الكريم جاسر قال إن خمس عشرة دبابة طوقت قرية بيت ريما التي يبلغ عدد سكانها أربعة آلاف نسمة .

وقالت المصادر إن قوات الاحتلال قصفت حاجزاً للأمن الوطني يقع على مدخل القرية ، ما أدى إلى وقوع العديد من الشهداء والجرحى في صفوف قوات الأمن الوطني والمواطنين العزل.

وذكرت المصادر أن قوات الاحتلال نفذت مجزرة حقيقية ومحددة ضد قرية بيت ريما طالت العشرات من المواطنين ما بين شهيد وجريح ومعتقل .

وذكرت المصادر ، أن قوات الاحتلال فرضت منع التجول المشدد على القرية وشنت حملة عسكرية واسعة ضد أبنائها العزل ، كما قامت قوات الاحتلال باختطاف جثث الشهداء والمصابين إلى جهة مجهولة بعد أن تركتهم ينزفون لساعات طويلة دون تقديم العلاج اللازم لهم .

إلى ذلك ، أفادت تقارير ومصادر طبية وشهود عيان ، أن قوات الاحتلال المدعمة بالدبابات والمدرعات منعت سيارات الإسعاف والأطقم الطبية والصليب الأحمر من الدخول إلى البلدة لإخلاء الشهداء والمصابين الذين استمر نزيفهم لا سيما أن معظم الإصابات بالرصاص الثقيل .

وكان أهالي القرية وجهوا نداء استغاثة عاجلاً إلى المجتمع الدولي والمؤسسات الحقوقية والإنسانية لوقف المجزرة التي تتعرض لها بيت ريما قبل قوات الاحتلال .

وأفاد عبد الكريم الريماوي رئيس بلدية بيت ريما أن العديد من جثث الشهداء والجرحى انتشرت بين أشجار الزيتون ، منوهاً إلى أن قوات الاحتلال اعتقلت العديد من المواطنين وأحرقت بعض المنازل وسيطرت على أخرى .

وهكذا نقف في ختام هذه المراجعة لابرز جرائم الاحتلال التي اقترفت خلال شهر تشرين الاول على مدى العقود الماضية ، أمام مشهد فلسطيني مثخن بالجرائم والمجازر الدموية الصهيونية التي تواصلت على مدى سنوات الاحتلال دون توقف ، متجاوزة كافة المواثيق والقوانين والخطوط الحمراء الدولية .

المصدر: الدستور، عمان،