النصيرات-جمعية منتدى التواصل-خاص: سالم طفل يبلغ من العمر ثلاثة أعوام، لم يسلم من الجوع …العطش…الحر والتلوث. نصيبه في هذا الحياة التي تسحق الضعفاء والفقراء بلا توقف أو رحمة كان الاستسقاء الدماغي، فوالدته أثناء الحمل به استنشقت الفسفور الأبيض أثناء العدوان الأخير على غزة، ما أسهم في خلقه معانياً منذ لحظة الولادة. لم تتوقف المصيبة عند هذا الحد، فعائلة سالم من شدة العوز والفقر اضطرت للعيش وسط وادٍ عفن تحيا به الجراثيم والذباب والبعوض وكل ما يزيد الإنسان مرضاً وتثقل مأساته ومعاناته التي لا تنفذ.. إنه بالطبع وادي غزة.
الوادي الذي يفصل بين مدينة غزة ومحافظات الوسطى جنوباً، تلمح فيه أينما اتجهت عيناك أكواماً من النفايات الصلبة وغير الصلبة التي يُلقيها المواطنون وبلديات المحافظات، إضافة إلى جثث الحيوانات النافقة ما أوجع سكان منطقة الوادي الذي يقدر عددهم حوالي 16 ألف نسمة وخلق كوارث بيئية وإنسانية بامتياز، فكان سالم إحدى الحالات التي استطاعت العدسة أن ترصد معاناته كحال عوائل أخرى تقطن في محيط الوادي تستر نفسها وراء جدران المنازل المتواضعة أو الخيام المتناثرة.
إن حياة سالم خالية وجافة من أي فرحة ترسم على شفتي طفل يطمح أن يعيش في بيئة نظيفة .. يطمح أن يلقى هو والعائلات القاطنة بالقرب من الوادي اهتماماً كبيرا من أولي الأمر في الضفة وغزة لوضع حل جذري ينهي أزماتهم المتراكمة التي يسببها وادي غزة.
وفي يوم البيئة العربي الذي يصادف الرابع عشر من أكتوبر، ما تزال مأساة الغزيين مستمرة من وراء محمية وادي غزة، فيشتمون رائحة القمامة والقاذورات من كل حدب وصوب، وتتجمع المياه العادمة في هذه البقعة التي يتنفس المحيطون بها هواءً مفعماً بالتلوث والقذارة، فأثبتت الدراسات البحثية أن في وادي غزة نسبة البكتيريا البرازية والمواد العضوية عالية جداً تصل إلى ملايين الخلايا”. لهذا حذر المختصون من السكن أو المعيشة أو القيام بأي نشاط زراعي في المنطقة، لأنه ببساطة وادٍ تموت الحياة فيه ويحيا الموت فيه.

عطش لبيئة نظيفة خالية من الأمراض حلم سكان منطقة وادي غزة، لكنهم يجدون هذا الحلم بعيد المنال في ظل إبصارهم تقاعس البلديات على إنهاء أزمتهم المستمرة التي لا تجعل ليلهم ليلاً للراحة والسكون، بل ليلاً تنشط فيه الحشرات والطائرات الزاحفة ما يصيب السكان بالاحمرار والحكة والطفح الجلدي.
وترى بلدية النصيرات أن مشروع وادي غزة الذي يموله مكتب الصليب الأحمر في قطاع غزة وسيتم تنفيذه في الجزء الغربي من مخيم النصيرات على مساحة 30 دونماً سيعمل على القضاء نهائياً على المعاناة المتراكمة التي يشعر بها سكان القطاع، ويرسم معالم مستقبل نظيف صحي في القطاع.
ويأمل الغزيون أن يعيشوا حياة آدمية كريمة تليق بتضحياتهم فتعاد إليهم حقوقهم المسلوبة كافة وعلى رأسها العيش في عالم نظيف يضمن صحة الإنسان فيخفف صرخاتهم وأوجاعهم اللامتناهية في عالم نسيهم أو تناساهم.



