القرار 1948/194

بعد تقديم الوسيط الدولي “الكونت برنادوت” لتقريره الذي يؤكد فيه على حق عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم، عقد مجلس الأمن مباحثات مستفيضة بشأن قضية عودة اللاجئين العرب إلى ديارهم، ومشكلة اليهود النازحين. وفي ختام المباحثات قرر المجلس إحالة سجل مباحثاته بشأن قضية اللاجئين برمته إلى المجلس الاقتصادي والاجتماعي التابع للأمم المتحدة ومنظمة اللاجئين الدولية لاتخاذ أي إجراء قد يكون في وسعهما اتخاذه.

وبناء على توصيات مختلفة مقدمة من الوسيط الدولي، بما فيها تلك المتعلقة بقضية اللاجئين، وبعد مرور ثلاثة أسابيع على تأسيس وكالة الأمم المتحدة لإغاثة اللاجئين الفلسطينيين، أصدرت الجمعية العامة القرار (194) في 11 كانون الأول/ ديسمبر 1948 الخاص بحق عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم وتعويضهم عن الأضرار التي لحقت بهم، كما أنشأت لجنة حديثة استنادا إلى توصيات الوسيط الدولي من أجل فلسطين، واستنادا للبند الثالث من هذا القرار باسم “لجنة التوفيق التابعة للأمم المتحدة والخاصة بفلسطين” (UNCCP)، مهمتها بحث مختلف الجوانب السياسية لحل مشكلة اللاجئين، كما أوكلت لها مهمة تسهيل التوصل إلى تسوية سلمية، وعينت فرنسا وتركيا والولايات المتحدة أعضاء في اللجنة.

تشكلت لجنة التوفيق الدولية، وباشرت اللجنة عملها بزيارة تل أبيب في عام 1949، وتباحثت مع الحكومة الإسرائيلية في طرائق تنفيذ قرار الجمعية العامة، فردت الحكومة الإسرائيلية بان حل مشكلة اللاجئين مرتبط بالتسوية النهائية لقضية فلسطين، وأصرت على رفض تنفيذ القرار ما لم يسبقه عقد صلح نهائي مع الدول العربية.

لذلك دعت لجنة التوفيق إلى عقد مؤتمر في لوزان بسويسرا، ودعت الحكومات العربية وإسرائيل إلى إرسال مندوبين عنها إلى لوزان لإجراء محادثات بشأن قضية فلسطين، وبدأ المؤتمر أعماله في 27 نيسان/ ابريل 1949، وتضمن بروتوكول لوزان عدة مواد أهمها:

ـ اتخاذ الخريطة الملحقة بقرار الجمعية العامة الصادر في 29/11/1947 (قرار التقسيم) أساسا للمحادثات بشأن مستقبل فلسطين، مع بعض تعديلات إقليمية تقتضيها اعتبارات فنية.

ـ ارتداد إسرائيل إلى ما وراء حدود التقسيم.

ـ تدويل القدس.

ـ عودة اللاجئين وحقهم في التصرف بأموالهم وأملاكهم وحق التعويض للذين لا يرغبون في العودة.

وكثفت اللجنة جهودها بين الطرفين نحو تنفيذ الفقرة 11 من القرار 194، ودرست عدة مقترحات لعودة عدد من اللاجئين، ولكن تعذر التوفيق بين الطرفين. وبضغط شديد من الولايات المتحدة، أعلنت إسرائيل استعدادها من حيث المبدأ لإعادة (100.000) لاجئ في إطار تسوية سلمية. وكان الرئيس الأمريكي “هاري ترومان” متحمسا لعرض المائة ألف، فهو من طرح هذه الفكرة. وانقسمت الحكومة الإسرائيلية بشأن الموقف الأمريكي الداعي لعودة المائة ألف. وعندما قامت لجنة التوفيق بتقديم العرض بصورة غير رسمية إلى الوفود العربية، رفضته بعد عشرة أيام بدعوى عدم كفايته، وبالتالي حل الجواب العربي مشكلة الحكومة الإسرائيلية المنقسمة بشأن هذا الموضوع.

وواصلت لجنة التوفيق جهودها في متابعة قضية عودة اللاجئين، ففي مؤتمر حضرته الدول العربية (مصر، الأردن، سوريا، لبنان) وإسرائيل في باريس عام 1951، حاولت اللجنة طرح قضية عودة اللاجئين مجددا، إلا أنها فشلت لتباين الآراء بين الطرفين في القضية. وكان من بين اقتراحات اللجنة الخمسة المدرجة في جدول الأعمال، موافقة إسرائيل على عودة عدد معين من اللاجئين العرب من فئات يمكن دمجها في اقتصاد دولة إسرائيل إلى وطنهم، ويرغب أفرادها في العودة والعيش بسلام مع جيرانهم. وفي الرد الإسرائيلي على هذا الاقتراح، قال مندوب الوفد الإسرائيلي: “أن اعتبارات الأمن الرئيسية والاستقرار السياسي والاقتصادي تجعل عودة اللاجئين العرب أمرا مستحيلا”. بينما رفضت الوفود العربية الاقتراح مطالبة بعدم “وضع أية قيود على عودة اللاجئين”. وبالتالي وجدت اللجنة نفسها مضطرة إلى الاعتراف بفشل مساعيها لحمل مختلف الأطراف على مناقشة اقتراحاتها بروح تتسم بالواقعية والعدل، وهي لذلك قررت آسفة فض المؤتمر.

 

القرار رقم 194 (الدورة 3): إنشاء لجنة توفيق تابعة للأمم المتحدة، وتقرير وضع القدس، وتقرير حق اللاجئين في العودة إلى ديارهم في سبيل تعديل الأوضاع بحيث تؤدي إلى تحقيق السلام في فلسطين في المستقبل

11/12/1948

إن الجمعية العامة،

وقد بحثت في الحالة في فلسطين من جديد.

1- تعرب عن عمق تقديرها للتقدم الذي تم بفضل المساعي الحميدة المبذولة من وسيط الأمم المتحدة الراحل في سبيل تعزيز تسوية سلمية للحالة المستقبلة في فلسطين، تلك التسوية التي ضحى من أجلها بحياته.

وتشكر للوسيط بالوكالة ولموظفيه جهودهم المتواصلة، وتفانيهم للواجب في فلسطين.

2- تنشئ لجنة توفيق مكونة من ثلاث دول أعضاء في الأمم المتحدة، تكون لها المهمات التالية:

(أ)- القيام، بقدر ما ترى أن الظروف القائمة تستلزم، بالمهمات التي أوكلت إلى وسيط الأمم المتحدة لفلسطين بموجب قرار الجمعية العامة رقم 186 (د.إ-2) الصادر في 14 أيار (مايو) سنة 1948.

(ب)- تنفيذ المهمات والتوجيهات المحددة التي يصدرها إليها القرار الحالي، وتلك المهمات والتوجيهات الإضافية التي قد تصدرها إليها الجمعية العامة أو مجلس الأمن.

(ج)- القيام – بناء على طلب مجلس الأمن – بأية مهمة تكلها حالياً قرارات مجلس الأمن إلى وسيط الأمم المتحدة لفلسطين، أو إلى لجنة الأمم المتحدة للهدنة. وينتهي دور الوسيط بناء على طلب مجلس الأمن من لجنة التوفيق القيام بجميع المهمات المتبقية، التي لا تزال قرارات مجلس الأمن تكلها إلى وسيط الأمم المتحدة لفلسطين.

3- تقرر أن تعرض لجنة من الجمعية العامة، مكونة من الصين وفرنسا واتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفيتية والمملكة المتحدة والولايات المتحدة الأمريكية، اقتراحاً بأسماء الدول الثلاث التي ستتكون منها لجنة التوفيق على الجمعية العامة لموافقتها قبل نهاية القسم الأول من دورتها الحالية.

4- تطلب من اللجنة أن تبدأ عملها فوراً حتى تقيم في أقرب وقت علاقات بين الأطراف ذاتها، وبين هذه الأطراف واللجنة.

5- تدعو الحكومات السلطات المعينة إلى توسيع نطاق المفاوضات المنصوص عليها في قرار مجلس الأمن الصادر في 16 تشرين الثاني (نوفمبر) سنة 1948، وإلى البحث عن اتفاق بطريق مفاوضات تجري إما مباشرة أو مع لجنة التوفيق، بغية إجراء تسوية نهائية لجميع المسائل المعلقة بينها.

6- تصدر تعليماتها إلى لجنة التوفيق لاتخاذ التدابير بغية معاونة الحكومات والسلطات المعنية، لإحراز تسوية نهائية لجميع المسائل المعلقة بينها.

7- تقرر وجوب حماية الأماكن المقدسة – بما فيها الناصرة – والمواقع والأبنية الدينية في فلسطين، وتأمين حرية الوصول إليها وفقاً للحقوق القائمة، والعرف التاريخي، ووجوب إخضاع الترتيبات المعمولة لهذه الغاية لإشراف الأمم المتحدة الفعلي. وعلى لجنة التوفيق التابعة للأمم المتحدة، لدى تقديمها إلى الجمعية العامة في دورتها العادية الرابعة اقتراحاتها المفصلة بشأن نظام دولي دائم لمنطقة القدس، أن تتضمن توصيات بشأن الأماكن المقدسة الموجودة في هذه المنطقة، ووجوب طلب اللجنة من السلطات السياسية في المناطق المعينة تقديم ضمانات رسمية ملائمة فيما يتعلق بحماية الأماكن المقدسة في باقي فلسطين، والوصول إلى هذه الأماكن، وعرض هذه التعهدات على الجمعية العامة للموافقة.

8- تقرر أنه نظراً إلى ارتباط منطقة القدس بديانات عالمية ثلاث، فإن هذه المنطقة، بما في ذلك بلدة القدس الحالية، يضاف إليها القرى والمراكز المجاورة التي يكون أبعدها شرقاً أبو ديس، وأبعدها جنوباً بيت لحم، وأبعدها غرباً عين كارم (بما فيها المنطقة المبنية في موتسا)، وأبعدها شمالاً شعفاط، يجب أن تتمتع بمعاملة خاصة منفصلة عن معاملة مناطق فلسطين الأخرى، ويجب أن توضع تحت مراقبة الأمم المتحدة الفعلية.

تطلب من مجلس الأمن اتخاذ تدابير جديدة بغية تأمين نزع السلاح في مدينة القدس في أقرب وقت ممكن.

تصدر تعليماتها إلى لجنة التوفيق لتقدم إلى الجمعية العامة، في دورتها العادية الرابعة، اقتراحات مفصلة بشأن نظام دولي دائم لمنطقة القدس، يؤمن لكل من الفئتين المتميزتين الحد الأقصى من الحكم الذاتي المحلي المتوافق مع النظام الدولي الخاص لمنطقة القدس.

إن لجنة التوفيق مخولة صلاحية تعيين ممثل للأمم المتحدة، يتعاون مع السلطات المحلية فيما يتعلق بالإدارة المؤقتة لمنطقة القدس.

9- تقرر وجوب منح سكان فلسطين، جميعهم، أقصى حرية ممكنة للوصول إلى مدينة القدس بطريق البر والسكك الحديدية وبطريق الجو، وذلك إلى أن تتفق الحكومات والسلطات المعنية على ترتيبات أكثر تفصيلاً.

تصدر تعليماتها إلى لجنة التوفيق بأن تعلم مجلس الأمن فوراً، بأية محاولة لعرقلة الوصول إلى المدينة من قبل أي من الأطراف، وذلك كي يتخذ المجلس التدابير اللازمة.

10- تصدر تعليماتها إلى لجنة التوفيق بالعمل لإيجاد ترتيبات بين الحكومات والسلطات المعنية، من شأنها تسهيل نمو المنطقة الاقتصادي، بما في ذلك عقد اتفاقيات بشأن الوصول إلى المرافئ والمطارات واستعمال وسائل النقل والمواصلات.

11- تقرر وجوب السماح بالعودة، في أقرب وقت ممكن، للاجئين الراغبين في العودة إلى ديارهم والعيش بسلام مع جيرانهم، ووجوب دفع تعويضات عن ممتلكات الذين يقررون عدم العودة إلى ديارهم وعن كل مفقود أو مصاب بضرر، عندما يكون من الواجب، وفقاً لمبادئ القانون الدولي والإنصاف، أن يعوض عن ذلك الفقدان أو الضرر من قبل الحكومات أو السلطات المسؤولة.

وتصدر تعليماتها إلى لجنة التوفيق تسهيل إعادة اللاجئين، وتوطينهم من جديد، وتأهيلهم الاقتصادي والاجتماعي، وكذلك دفع التعويضات، وبالمحافظة على الاتصال الوثيق بمدير إغاثة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين، ومن خلاله بالهيئات والوكالات المتخصصة المناسبة في منظمة الأمم المتحدة.

12- تفوض لجنة التوفيق صلاحية تعيين الهيئات الفرعية واستخدام الخبراء الفنيين العاملين تحت إمرتها، ما ترى أنها بحاجة إليه لتؤدي، بصورة مجدية، وظائفها والتزاماتها الواقعة على عاتقها بموجب نص القرار الحالي. ويكون مقر لجنة التوفيق الرسمي في القدس، ويكون على السلطات المسؤولة عن حفظ النظام في القدس اتخاذ جميع التدابير اللازمة لتأمين سلامة اللجنة. ويقدم الأمين العام عددا محدداً من الحراس لحماية موظفي اللجنة ودورها.

13- تصدر تعليماتها إلى لجنة التوفيق بأن تقدم إلى الأمين العام، بصورة دورية، تقارير عن تطور الحالة كي يقدمها إلى مجلس الأمن وإلى أعضاء منظمة الأمم المتحدة.

14- تدعو الحكومات والسلطات المعنية، جميعاً، إلى التعاون مع لجنة التوفيق، وإلى إتخاذ جميع التدابير الممكنة للمساعدة على تنفيذ القرار الحالي.

15- ترجو الأمين العام تقديم ما يلزم من موظفين وتسهيلات، وإتخاذ الترتيبات المناسبة لتوفير الأموال اللازمة لتنفيذ أحكام القرار الحالي.

تثبت الجمعية العامة هذا القرار، في جلستها العامة رقم (186)، كالآتي: مع القرار(35)، ضد القرار (15)، وامتناع (8).