يلعب العمل التطوعي، دورًا مهمًا، في التنمية المجتمعية، وهو بهذا المعنى يحظى بأهمية خاصة، وذلك لدوره في التنمية، إلى جانب ما يعنيه من قيم وروابط اجتماعية إيجابية. وتكمن أهميته ودوره ليس على صعيد الفرد فحسب وإنما على مستوى المجتمع ككل وما يعنيه من رفع للمستوى الاقتصادي والاجتماعي، وتحسين الأحوال المعيشية للفئات المحرومة، ومحافظته على القيم الإنسانية، وبالتالي فهو تجسيد لمبدأ التكافل الاجتماعي، واستثمارًا حقيقيًا لأوقات الفراغ.
من هنا يعتبر العمل التطوعي وسيلة من وسائل النهوض في المجتمعات، وهو بهذا المعنى أداة من أدوات التنمية، وهو شكل من أشكال المشاركة على اختلافها، وإذا كان يعتقد أن العمل التطوعي نشأ وتطور في ظل غياب الدولة في بعض المجتمعات، إلا أنه ذي أهمية كبيرة في العصر الحاضر، على الرغم من وجود الدولة التي أصبحت بحاجة إلى تضافر الجهود والمساعدة سيما في ظل الأوضاع غير الطبيعية التي تمر بها الدول والمجتمعات من حين إلى آخر. ومن هنا يعتقد البعض خطأً أن العمل التطوعي وجد مع وجود مؤسسات المجتمع المدني، فعلى الرغم من تلك المؤسسات عملت على مأسسة العمل التطوعي، إلا أن العمل التطوعي أسبق من تلك المؤسسات، فهو متأصل في النفس البشرية، وهو من جوانب الخير في الإنسان، بل أنه يعبر عن دوافع إنسانية وعاطفية.
واستنادًا على ذلك يختلف شكل العمل التطوعي باختلاف المواقف التي تفرضها الظروف من حيث أنها عادية أو طارئة أو قاهرة، ويتحدد شكل الاستجابة لهذه الظروف أو المواقف استنادًا على القيمة الأخلاقية أو الإنسانية، مثل إسعاف الجرحى في حالات الخطر، الناتجة عن حوادث السير، أو السقوط من مكان مرتفع، أو إنقاذ غريق، أو المساعدة في أوقات الكوارث الطبيعية الناتجة عن الزلازل أو الفيضانات أو حريق، وغيرها من الأوضاع التي تستدعي التدخل الفوري.
إن هذا الشكل من أشكال التدخل لا يعتمد في المقام الأول على المعرفة المسبقة أو السكن في نفس المنطقة أو القربى أو ما شابه، وإنما يعتمد على الشعور الإنساني أو الموقف الأخلاقي أو الدافع الديني في ذلك الموقف، أو أنه ينطلق من باب الحمية والنخوة أو كل ذلك معًا، دون الانتظار إلى المقابل حتى لو كان معنوي.
أما الشكل الآخر من أشكال الأعمال التطوعية، فهو نابع إما من قناعات دينية أو اجتماعية أو شخصية، باعتبار ذلك تقربًا إلى الله أو أنه قيمة اجتماعية إنسانية، وهذا الشكل من أشكال العمل التطوعي لا تفرضه أوضاع طارئة أو آنية بقدر ما هو أيمان أو قناعة لدى الفرد يمارسه ويقوم به في أي زمان ومكان دون الانتظار لوجود طارئ، وهو بذلك فعل إيماني سواء أكان ديني أو دنيوي، أو باعتباره ثقافة مجتمعية.
وعليه.. فإن تعميم ثقافة العمل التطوعي ليست مسؤولية جهة بعينها، وإنما هي مسؤولية وطنية تلعب بها المؤسسات دورًا فاعلا ومؤثرًا لا سيما مؤسسات التنشئة الاجتماعية على اختلافها، إلى جانب المؤسسات الأهلية والحكومية خاصة المؤسسات التي تعنى بالعمل التطوعي، وبإعادة الاعتبار له وتطويره، وبالتالي فلا بد من الوصول إلى بلورة مشروع قانون ينظم العمل التطوعي في فلسطين عوضًا عن عدم وجود قوانين مساوية وموازية للخدمة الاجتماعية أو الوطنية. وكمقدمة لذلك يجب البدء بترسيخ مبدأ العمل التطوعي من المدرسة أولا مرورًا بالمعاهد والكليات والجامعات بأشكال وطرق مختلفة وذلك من أجل تقوية روح العمل التطوعي في المجتمع.
كتبها/ عمر رحال.



